السبت، 16 يناير 2016

اقتصاديات الوعي

اقتصاديات الوعي
تهتم الدول باختلاف مواردها واقتصادها بالتنمية الشاملة والمستدامة، وتُسخر جميع الإمكانات البشرية والمادية لتحقيقها وتحقيق الرفاه للمواطن والمجتمع، ويرتبط بالتنمية عدد كبير من القضايا الصحية والأمنية والتعليمية والاجتماعية، وأي اختلال أو قصور يحدث في عجلة التنمية سيؤثر سلباً على تلك المجالات.
وتأتي المملكة من بين الدول التي تزخر ولله الحمد باقتصاد مرتفع يعتمد بشكل كبير على موارد النفط، وبالتالي تُولي عمليات التنمية كل اهتمام وذلك من خلال ما تخصصه من ميزانيات ومبالغ ضخمة لجميع الوزارات والهيئات وبقية القطاعات، ومع ذلك فإن مدى توفر الخدمات وجودتها لم يرتقي إلى المستوى المنشود، وهذا بدوره أثر على خطط التنمية وتطورها، وبنظرة اقتصادية ثاقبة ومتأملة نجد أن مقابل الميزانيات الضخمة التي خصصت لجميع القطاعات هناك تدني في مستوى الخدمات التنموية التي تقدم للمجتمع؛ مما يعني هدر مادي واقتصادي وبشري كبير ويرجع ذلك لأسباب كثيرة، ولن أتحدث عن تلك الأسباب والتي قد تكون معروفة وواضحة للقارئ، ولكن سأتحدث هنا عن سبب مهم ومؤثر ولكنه بشكل غير مباشر، إنه موضوع الوعي لدى الموطن والمجتمع وانعكاسه على خطط التنمية وبرامجها.
والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ هو هل هناك علاقة بين الوعي والتنمية؟ وما نوع العلاقة؟
نعم فعندما يكون الحديث عن الفقر والأمية والجهل و...الخ، فكل تلك القضايا تمثل جوهر أساسي لخطط التنمية وبرامجها، وتسعى لحلها ومعالجتها والرفع من مستوى وجودة الخدمات لدى المجتمع، وبتأمل فاحص ودقيق نجد أن انتشار وتواجد تلك القضايا، الفقر و الأمية...الخ، هي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمستوى الوعي لدى المواطن والمجتمع في شتى المجالات.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فما نراه من حوادث مرورية متكررة ينتج عنها خسائر كبيرة في الأرواح البشرية والمكتسبات المادية؛ كانت نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من مشاكل صحية وأمراض وأوبئة أدت إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة وأثرت على جودة ومستوى الخدمات؛ كانت نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من تدني مستوى التعليم وانخفاضه والذي أدى إلى ضعف الإنتاجية وتدني مستوى الخريجين مما يكلف الدولة الكثير من المبالغ، كان نتيجة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من دجل وسحر وشعوذة موجودة داخل المجتمع أثرت على حياة المواطن وقيمته وصحته، هو نتيجة مباشر لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه وما نراه وما نراه....الخ، هو نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
ومن ذلك نستنتج أن للوعي دوراً أساسياً في دفع عجلة التنمية وتحقيقها وخفض التكاليف والخسائر المادية والبشرية التي تثقل الوزارات والقطاعات وتؤثر على الميزانية العامة للدولة.
فلو تم تخصيص نسبة من ميزانيات الوزارات والقطاعات لرفع مستوى الوعي للمواطن والمجتمع من خلال برامج وخطط مستمرة وهادفة؛ لأسهم ذلك في تقليل الخسائر المادية والبشرية لها، وتحقيق التنمية المستدامة.


فاقتصاديات الوعي تعني تخصيص القليل من الميزانيات لأجل رفع الوعي مقابل خفض الخسائر المادية والبشرية التي كان ضعف الوعي سبباً في ارتفاعها وزيادتها، والذي يؤدي إلى ارتفاع ميزانيات جميع القطاعات.

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيكم أخى دكتور خالد فقد أصبت عين الحقيقة ، وماتفضلت به فى مقالك ينطبق على كل مجتمعاتنا العربية ،ومن ثم فهناك ضرورة كبيرة لتصميم برامج وخطط لرفع مستوى المواطن العربى فى كل المؤسسات ... تحياتى وتقديرى لشخصكم الكريم وتمنياتى بالتوفيق

    ردحذف

شكراً للمشاركة والاطلاع على المدونة