الجمعة، 22 يناير 2016

مؤشرات المدير الفاشل إدارياً

مؤشرات المدير الفاشل إدارياً
تستخدم المؤشرات كأدوات يمكن من خلالها قياس تطور الأداء أو تحقيق الجودة أو قياس الكفاءة والفعالية أو الوصول إلى التميز، ولكني في مقالي هذا سأعكس السير مع الاتجاه العام نحو تحديد مؤشرات المدير الفاشل إدارياً، وبداية سأذكر قصة ذكرها أحد المتخصصين والخبراء البريطانيين بالإدارة في أحد كتبه، وهي أن إحدى الشركات البريطانية التجارية كانت تتعرض لخسائر مادية مستمرة، ثم أراد مدير الشركة أن يستعين بأحد الخبراء والمتخصصين والمستشارين في الإدارة، وتم الاتفاق مع المستشار على مبلغ مليوني دولار أمريكي على أن يستلم نصف المبلغ عند توقيع العقد والنصف الآخر عند تسليم التقرير النهائي.
وبالفعل بدأ المستشار عمله في تشخيص واقع وأسباب خسائر الشركة، وبعد مضي ما يقارب ثلاثة أشهر، انتهى من تشخيصه للشركة وأصبح التقرير جاهزاً للتسليم، وطلب مقابلة مدير الشركة وقبل أن يعطيه التقرير طلب المبلغ المتبقي حسب الاتفاق، وحينما استلم كامل مستحقاته، كشف عن التقرير وهنا كانت المفاجأة والدهشة، وقال المستشار للمدير هل تريد معرفة السبب الرئيس لخسارة الشركة، قال نعم.
فذكر المستشار أن سبب خسارة الشركة هو أنت (يقصد مدير الشركة)، فالإدارة هي الأساس والجوهر في نجاح أو فشل المؤسسات والشركات.
ومن خلال خبرتي العميقة والطويلة في العمل الإداري، وبحكم تخصصي الإداري والقيادي، ومن خلال دراستي حول العمل الإداري في المؤسسات الحكومية وجدت أن أغلب المؤسسات وإدارتها وأقسامها المختلفة لديها خلل كبير وكبير جداً في أداء العمل الإداري، وقد قمت بدراسة استطلاعية قامت على الملاحظة مني خلال زياراتي المتكررة لعدد من المؤسسات الحكومية فتوصلت إلى عدد من المؤشرات التي تدل وتؤكد على فشل مدير تلك الإدارة أو القسم أو العمادة أو الكلية أو الجامعة في عمله الإداري، وسأحددها في المؤشرات التالية:
-         كثرة الأخطاء الإدارية في التعاملات داخل الوحدات والأقسام والتي تدل على خلل في منظومة العمل الإداري والتنظيمي للإدارة.
-         تكرار شكاوى وتذمر المراجعين والمستفيدين من العمل الإداري في تلك المؤسسة، والناتج إما عن سوء تنظيم أو سوء تعامل أو تأخر إنجاز، وغيرها من صور التخلف الإداري.
-         تردد مدير الإدارة أو رئيس القسم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل وتسهيله وتنظيمه، والناتج عن عدم إلمام ببديهيات العمل الإداري، وضعف شخصيته الإدارية.
-         الاختيار الضعيف لإدارات الصف الثاني بالمؤسسة، والتي تؤكد بدون شك أنه لا يفقه أسس واختيار من يتولى العمل الإداري في الوحدات الإدارية والأقسام، ففاقد الشيء لا يعطيه، فالأولى تغييره واستبداله بمن يجيد الاختيار الصحيح لقيادات الصف الثاني.
-         معظم قراراته التي يتخذها ويصدّرها لا تستند على مستند نظامي أو تنظيمي، بل أن جزءاً كبيراً منها مخالف للأنظمة واللوائح، والغرابة أنه مازال-رغم تلك المخالفات النظامية المتكررة-مستمراً في عمله.
-         ضعف شخصيته الإدارية والناتج عن ضعف مهاراته الإدارية كالتخطيط والتنظيم والإشراف وغيرها، وضعف مهاراته الفكرية كالتحليل والاستنتاج والاستنباط وغيرها، والتي يمكن ملاحظتها من خلال تعامله وإدارته.
-         يتخذ قراراته بناء على كلام وأحاديث الآخرين والتي يشنف أذانه بها، فمجموعة تأخذه نحو اليمين، والأخرى تأخذه نحو الشمال، فهو في دائرة من التخبط والعشوائية الناتجة عن ضعفه الإداري والتي جعلته أداة سهلة في أيدي الآخرين، وبالتالي ليس لشخصيته الإدارية أي دور.
-         أسلوبه الإداري إما مركزية بحتة تعطل وتؤخر العمل، أو فوضوية بحتة تحدث فوضى عامة في المؤسسة، فالأولى مركزية في الإشراف والمتابعة وتفويض وتمكين في الإجراءات والعمليات الإدارية.
-         إدارته للاجتماعات ضعيفةً وضعيفةً جداً، والمؤشر على ذلك ضعف فعالية تلك الاجتماعات وطول فترتها الزمنية.
-         التناقضات الإدارية الواضحة في الإدارة التي يقوم بالإشراف عليها، فالمغالطات كثيرة ومتكررة، ويحاول أن يعالج الخطأ بالخطأ.
-         تتسم إدارته بالغموض، فمن سمات العمل الإداري الناجح الشفافية والوضوح.
-         يُغلب مصلحته الشخصية على مصلحة العمل الإداري والمؤسسي، فهو ينظر للعمل الإداري على أنه فرصة له لتحقيق أكبر مكاسب مادية يمكن تحقيقها.
-         تأخر المعاملات الإدارية وبطء إجراءاتها، والناتج عن ضعف التنظيم والتنسيق الإداري بين الموظفين، وعن غياب الخطط الإدارية الواضحة والتي من خلالها ينجز العمل الإداري.
-         كثرة المراجعين في مكتبه ومكتب مدير مكتبه ومكتب سكرتارية مكتبه، والتي تدل على تخلف وتأخر إداري واضح وشديد.
-         المحاباة والمجاملة والمحسوبية للآخرين والتي تكون على حساب مخالفة وتجاوز الأنظمة والتنظيمات الإدارية للمؤسسة.
وبعد تلك المؤشرات، المفترض من كل إداري يلاحظ أن معظم تلك المؤشرات في إدارته أن يقدم اعتذاره بكل شجاعة عن الإدارة، والمفترض من كل مسؤول عن إداري توجد في إدارته معظم تلك المؤشرات أن يعفيه من عمله الإداري، والمفترض من كل موظف ومن كل مراجع ومستفيد يرى ويلاحظ جل تلك المؤشرات في أي إدارة كانت أن يتقدم بشكوى إلى المسؤول عن ذلك المدير.
ختاماً، نجاح المدير في عمله هو نجاح للمؤسسة والوطن، وفشل المدير في عمله هو فشل للمؤسسة وخذلان للوطن.

د.خالد عواض الثبيتي

الثلاثاء، 19 يناير 2016

المتنبؤون بالمستقبل

المتنبؤون بالمستقبل
يظل علم المستقبل من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومهما أوتيّ الإنسان من قوة فإنه لا يستطيع أن يطلع على الغيب إلا أن يشاء الله، ولكن الإنسان حاول بما سخره الله له في هذا الكون أن يسبر أغوار المستقبل، ويوظف الأدوات والأساليب والطرق للتنبؤ بالمستقبل.
والدراسات المستقبلية كعلم مستقل بذاته أو كعلم يدخل ضمن العلوم الأخرى المختلفة له أدواته الكمية والنوعية المتنوعة؛ يلقى اهتماماً كبيراً من الدول التي تهتم بالتخطيط للمستقبل وصناعته، ومن الجهات التي تهتم كثيراً بدراسة المستقبل هي جهاز الاستخبارات، بل إن جوهر عملها يرتكز على التنبؤ بالمستقبل.
فمن المهتمين بعلم التنبؤ بالمستقبل المتخصص في علم النفس وعلم السياسة في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية فيليب تيتلوك (Philip Tetlock) والذي ألف كتاب فن وعلم التنبؤ (Super Forecasting: The Art and Science of Prediction)، حيث قام فيليب بعمل دراسة في 2005م أحدثت ضجة كبيرة، حيث درس تنبؤات وتحليلات الخبراء الذين يظهرون في الإعلام (التلفزيون باستمرار) خلال سنة ويتنبؤون  بالأحداث المستقبلية السياسية والاقتصادية فعلى سبيل المثال يتنبؤون بأسعار النفط في العالم، والعلاقات بين الدول وغيرها من التنبؤات، حيث قام فيليب بمراجعة ما قام به أولئك الذين يظهرون في الإعلام، وفيما بعد عمل مقارنة بالتنبؤات التي تحدثوا عنها، وما حدث في الواقع بعد عدة أشهر أو بضع سنوات، وهل بالفعل تحقق تنبؤاتهم؟، فتوصل إلى-وهنا المفاجأة المثيرة-أن تنبؤاتهم لا تختلف عن تنبؤات العامة بل أحياناً أسوء على الرغم من الخبرة التي لديهم في مجال السياسة والاقتصاد (ولنا هنا وقفة وهي أنه ليس بالضرورة من يظهر في الإعلام لديهم القدرة على التحليل والتفسير والتنبؤ، فهم لايختلفون كثيراً عن عامة الناس).
ولكن إرادة وطموح فيليب حول المتنبؤون بالمستقبل لم يتوقف، بل عمل الباحث فيليب تيتلوك وفريقه في مشروع يعرف باسم "مشروع الأحكام السليمة" الذي يموله قسم "نشاط مشاريع البحوث الاستخباراتية المتقدمة" بالحكومة الأمريكية، والتساؤل عما يمكن أن يجعل شخصاً ما أفضل استعداداً للتنبؤ بالأحداث العالمية.
فقام فيليب بتوظيف ما يقارب (10 آلاف مشارك) في المشروع من شتى مجالات ونواحي الحياة، ومن مستويات تعليمية مختلفة، متخصصين وغير متخصصين، طلب منهم أن يشاركوا وأن يكونوا متواجدين خلال مدة سنتين" مدة المشروع"، وكل شهر يطرح عليهم سؤال محدد، ماذا تتوقعون أن يحدث في مكان ما بعد شهرين في مجال الاقتصاد والسياسة؟
حيث يقومون بدراسة الموضوع، وبعد شهر يعطونه توقعاتهم، وبعد شهرين أو ثلاثة يتم مراجعة تلك التنبؤات ومقارنتها بالواقع، ومدى ما تحقق منها، وخرج من تلك التوقعات بعدد محدود يقدر بالعشرات كانوا متميزين في توقعاتهم من بين الآلاف المشاركين في المشروع.
ثم وضع فيليب تساؤل رئيس ومهم، ما الذي جعل أولئك متميزين ومتفوقين عن غيرهم في صدق التنبؤات؟
وأراد تحديد العوامل التي تجعل التنبؤ أدق وأصح عندهم، فتوصل إلى بضعة عوامل تحدث عنها في كتابه وهي:
-       يتميزون بحب الاطلاع ولديهم فضول عام في شتى المجالات.
-       يملكون ذهن متفتح، ويقبلون الآراء المختلفة.
-       يعبرون عن رأيهم خاصة إذا استجدت معطيات جديدة.
-       يقرأون في الأخبار كثيراً، وأيضاً لديهم إطلاع كبير على المقالات.
-       يسمعون كل التحاليل السياسية والاقتصادية.
-       لا يصرون على طرح معين، بل يقبلون بالرأي والرأي الآخر.
-       لديهم القدرة إلى تقسيم المسائل إلى مسائل أصغر، وكل جزء يدرسونه على حدة، وكل جزء يحللون الصعوبة التي به، وهل يمكن التنبؤ به بشكل دقيق.
-       يستطيعون أن يقدموا الاحتمالات، وترقيم وترتيب تلك الاحتمالات.
-       يحبون الاستشارة، ويحبون المشاركة مع الآخرين، ويستفيدون من مشاركاتهم مع فرق العمل، بحيث يكمل بعضهم البعض في القدرة على التنبؤ.
مع العلم أنه لم تُتح لهؤلاء أية بيانات أو معلومات سرية، عدا ما يمكنهم الحصول عليه عن طريق وسيلة بحث مثل موقع غوغل.
ومن ذلك يمكن الاستنتاج أن أنجح التنبؤات قُدِّمت من قبل مجموعة مركزة بارعة من أولئك "المتنبئين النابغين". كانت سماتهم الشخصية، وليست معرفتهم المتخصصة، هي التي أتاحت لهم التنبؤ بأمور ما بشكل أكثر دقة مقارنة بعدة وكالات استخبارات عالمية.
د. خالد بن عواض الثبيتي


السبت، 16 يناير 2016

إدارة بلا حواجز

أصبح تعاملنا جميعاً مع الإدارة أمراً يومياً متكرراً إما على المستوى الشخصي والأسري أو على مستوى المؤسسات والهيئات والشركات وغيرها.
وعندما تقوم بزيارة إلى إحدى تلك المؤسسات لانجاز معاملات تتعلق بك-والمفترض أن لا تقوم بذلك –ستجد أن ذلك المبنى يعج بالمكاتب في داخله بدءاً من مكتب المدير وإنتهاءً بمكتب آخر موظف وقد يكون ذلك معتاداً، وعندما تريد مقابلة ذلك الوزير أو وكيل الوزارة أو المدير العام أو المدير أو الرئيس أو.., ستتفاجئ بشي اعتاده عليه جميع المسؤولين ألا وهو حجم ذلك المكان وكبر مساحة المكتب وكأنك تدخل إلى فندق خمسة نجوم لكن قد يفتقد إلى غرفة النوم، وهذا الحال ينطبق على جميع المكاتب من حولك، وكلٌ يُعطى مكتب يليق بوزنه وحجمه.
ويقابل تلك الخدمات اللوجستية لمعاليه وسعادته وحاشيته، ستجد عدد كبير من المشاكل الإدارية كالروتين الممل، وبطء الإجراءات، وتعطيل العمل، وهدر الوقت، وضعف الإنتاجية، وارتفاع التكاليف، وكأن تلك المؤسسة أنشئت لتكون فندقاً، مع العلم أن الفندق يقدم خدمات رائعة وتعاملات راقية وإجراءات سهلة وبسيطة.
وقد وظفت المؤسسة الحكومية والخاصة في الدول المتقدمة التطور التقني في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات للإنجاز وزيادة الإنتاج وتحقيق الأهداف وخفض التكاليف وتقليل الهدر وتبسيط الإجراءات؛ مما ساهم في ارتياح وتكيف المسؤول والموظف والمستفيد من تلك الخدمات والأعمال، وبالتالي ساهم في كسر الحواجز الخرسانية بين الإداريين والموظفين والمستفيدين، وأصبحت المكاتب بلا جدران، وأصبح المسؤول والإداري والموظف يمارسون أعمالهم من أي مكان وفي أي وقت كان، وقد يكون ذلك بضغطة زر واحدة، ولم يعد العمل مرتبط بالوقت، بل مرتبط بالإنتاجية والإنجاز.
فالمؤسسات لدينا تحتاج إلى كسر الحواجز النفسية والخرسانية، وتوظيف التقنية والاتصالات لتحقيق الانجاز وزيادة الإنتاج، وبالتالي تحقيق الشفافية الإدارية، لتصبح إدارة المؤسسات..إدارة بلا حواجز.

اقتصاديات الوعي

اقتصاديات الوعي
تهتم الدول باختلاف مواردها واقتصادها بالتنمية الشاملة والمستدامة، وتُسخر جميع الإمكانات البشرية والمادية لتحقيقها وتحقيق الرفاه للمواطن والمجتمع، ويرتبط بالتنمية عدد كبير من القضايا الصحية والأمنية والتعليمية والاجتماعية، وأي اختلال أو قصور يحدث في عجلة التنمية سيؤثر سلباً على تلك المجالات.
وتأتي المملكة من بين الدول التي تزخر ولله الحمد باقتصاد مرتفع يعتمد بشكل كبير على موارد النفط، وبالتالي تُولي عمليات التنمية كل اهتمام وذلك من خلال ما تخصصه من ميزانيات ومبالغ ضخمة لجميع الوزارات والهيئات وبقية القطاعات، ومع ذلك فإن مدى توفر الخدمات وجودتها لم يرتقي إلى المستوى المنشود، وهذا بدوره أثر على خطط التنمية وتطورها، وبنظرة اقتصادية ثاقبة ومتأملة نجد أن مقابل الميزانيات الضخمة التي خصصت لجميع القطاعات هناك تدني في مستوى الخدمات التنموية التي تقدم للمجتمع؛ مما يعني هدر مادي واقتصادي وبشري كبير ويرجع ذلك لأسباب كثيرة، ولن أتحدث عن تلك الأسباب والتي قد تكون معروفة وواضحة للقارئ، ولكن سأتحدث هنا عن سبب مهم ومؤثر ولكنه بشكل غير مباشر، إنه موضوع الوعي لدى الموطن والمجتمع وانعكاسه على خطط التنمية وبرامجها.
والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ هو هل هناك علاقة بين الوعي والتنمية؟ وما نوع العلاقة؟
نعم فعندما يكون الحديث عن الفقر والأمية والجهل و...الخ، فكل تلك القضايا تمثل جوهر أساسي لخطط التنمية وبرامجها، وتسعى لحلها ومعالجتها والرفع من مستوى وجودة الخدمات لدى المجتمع، وبتأمل فاحص ودقيق نجد أن انتشار وتواجد تلك القضايا، الفقر و الأمية...الخ، هي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمستوى الوعي لدى المواطن والمجتمع في شتى المجالات.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فما نراه من حوادث مرورية متكررة ينتج عنها خسائر كبيرة في الأرواح البشرية والمكتسبات المادية؛ كانت نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من مشاكل صحية وأمراض وأوبئة أدت إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة وأثرت على جودة ومستوى الخدمات؛ كانت نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من تدني مستوى التعليم وانخفاضه والذي أدى إلى ضعف الإنتاجية وتدني مستوى الخريجين مما يكلف الدولة الكثير من المبالغ، كان نتيجة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه من دجل وسحر وشعوذة موجودة داخل المجتمع أثرت على حياة المواطن وقيمته وصحته، هو نتيجة مباشر لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
وما نراه وما نراه وما نراه....الخ، هو نتيجة مباشرة لضعف وقلة الوعي لدى المواطن والمجتمع.
ومن ذلك نستنتج أن للوعي دوراً أساسياً في دفع عجلة التنمية وتحقيقها وخفض التكاليف والخسائر المادية والبشرية التي تثقل الوزارات والقطاعات وتؤثر على الميزانية العامة للدولة.
فلو تم تخصيص نسبة من ميزانيات الوزارات والقطاعات لرفع مستوى الوعي للمواطن والمجتمع من خلال برامج وخطط مستمرة وهادفة؛ لأسهم ذلك في تقليل الخسائر المادية والبشرية لها، وتحقيق التنمية المستدامة.


فاقتصاديات الوعي تعني تخصيص القليل من الميزانيات لأجل رفع الوعي مقابل خفض الخسائر المادية والبشرية التي كان ضعف الوعي سبباً في ارتفاعها وزيادتها، والذي يؤدي إلى ارتفاع ميزانيات جميع القطاعات.

خبرات عالمية في صنع السياسة التعليمية

خبرات عالمية في صنع السياسة التعليمية
"انتقاء الخبرات انتقاءً واعياً ومدركاً، وليس اقتباساً حرفياً دون أدنى تعديل أو مواءمة، فانتقل بهذا الشكل لاشك أنه لايجدي ويكون كمن يصنع نبتة في مناخ غير مناخها"
اليابان
×   أرخبيل جذري على ضفاف المحيط الهادي في الجزء الشرقي من قارة أسيا.
×   تأريخها السياسي(صراعات داخلية طغت على العلاقات المحلية, ثم الانعزال عن العالم والتقوقع في الجذر).
×   استولت أسرة(توكوجاوا على الحكم عام 1602م) ولم تخرج من عزلتها البشرية إلا عام 1790م.
×   1945م سقطت أول قنبلة نووية على (هيروشيما-ناجازاكي).
×   النظام التعليمي الياباني بشكله الحالي مر بمراحل تطوير وإصلاح.
×   التربية تسير باتجاهين الأول عسكري والثاني أخلاقي.(إعداد محاربين أقوياء).
×   استمدت التربية فلسفتها من العقيدة الكنفوشية.
×   (1868م-1912م) الإمبراطور (مسيتو هيتو ) الميجي(حركة إصلاح تعليمية شاملة) أولى التعليم اهتماماً كبيراً.
×   إنشاء وزارة التربية عام 1871م (نظام مركزي صارم).
×   وفي عام 1872م صدر دستور خاص بالتعليم من أهم بنوده:
1)   ضرورة نشر التعليم بين أفراد الشعب الياباني بجميع طبقاته.
2)   أن يعم التعليم جميع مناطق اليابان.
3)   يعد التعليم نوعاً من الاستثمار البشري.
4)   التركيز على جميع المعارف والعلوم.
×   قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1946م بإرسال بعثة لدراسة الواقع التربوي الياباني وتقديم توصيات تتحقق من خلالها الأهداف الأمريكية في التعليم الياباني ومن أهم التوصيات:
1)   تفتيت المركزية الشديدة التي كانت تسود النظام التعليمي الياباني.
2)   تطبيق السلم التعليمي الأمريكي.
3)   الاهتمام بتعليم الكبار.
4)   التعليم إلزامي ومجاني مدة تسع سنوات.
5)   الإعداد الجيد للمعلمين.
صنع وتنفيذ سياسة التعليم في اليابان
نظام الإدارة التعليمية (نظام مركزي) من نظام الإدارة في فرنسا, ويتم العمل الإداري على ثلاث مستويات ثلاثة:
1)   إدارة التعليم على المستوى الوطني(القومي).
2)   إدارة التعليم على مستوى الولاية(47 ولاية) وتنقسم إلى بلديات محلية.
3)   إدارة التعليم على المستوى المحلي.
صنع السياسة التعليمية في اليابان
أهم ما يميز التعليم في اليابان خلال مراحل الإصلاح وجود سياسة تعليمية.
العوامل التي ساعدت أو عملت على النجاح الذي حققته السياسة التعليمية اليابانية:
1)   أن التعليم في اليابان كان دائماً من أولويات السلطة الحاكمة(أعطاه دافعاً مادياً ومعنوياً كبيراً).
2)   أن السياسة التعليمية كانت تصنع وتنفذ بشكل مدروس وليست عشوائياً.
3)   ارتبطت السياسة التعليمية ارتباطاً وثيقاً بالفلسفة الاجتماعية اليابانية.
4)   استفادت اليابان استفادة قصوى من الخبرات التعليمة العالمية والموروث الثقافي الياباني العريق.
5)   شارك المجتمع الياباني في صنع السياسة التعليمية وتنفيذها وتقويمها(دور المجتمع حافزاً ومؤثراً).
6)   اتسمت بالواقعية والعملية.
7)   الاتساق الواضح بين المركزية واللامركزية في صنع وتنفيذ السياسة التعليمية.
8)   الدقة والتأني في صنع وتنفيذ السياسة التعليمية.
آلية صنع وتنفيذ السياسة التعليمية في اليابان
1)   تحليل الواقع التربوي.
من الأمثلة ما قام به رئيس الوزراء ناكسون عام 1987م بطرح فكرة لقاء تعليمي على مستو عال لمناقشة الإصلاحات التعليمية وكل ما يتعلق بالسياسة المستقبلية للتعليم في اليابان.
أصدرت وزارة التربية والعلوم والثقافة عام 1990م قانوناً أطلق عليه التعليم مدى الحياة حيث وافق عليه البرلمان, وهذا التعليم يشتمل على جميع أنشطة التعليم.
2)   مرحلة وضع التصورات والسياسات.
3)   مرحلة التنفيذ والمتابعة.
في عام 1967م سعت وزارة التربية للتعديل في بعض سياسات التعليم ووضع خطط إصلاحية حيث تم تشكيل لجان مختصة.
المرحلة الأخيرة كانت في عام 1971م.
إذن وضع السياسة التعليمية في اليابان، يأتي وضعها من قبل وزارة التربية كصيغ وتشريعات وقوانين (مركزية), وتأتي اللامركزية من خلال عمل مجالس التعليم المحلية.
وهذه التشريعات لا يتم صياغاتها من خلال الأبواب المغلقة والكراسي الوثيرة، ولكن من الواقع الاجتماعي(من خلال أهداف وأطر ينشدها المجتمع).
صنع السياسة التعليمية قد يستغرق وقتاً طويلاً ولكنه يتم بطريقة صائبة.
مؤسسات صنع السياسة التعليمية
1)   مؤسسات رسمية.                                 2)مؤسسات غير رسمية.
-        البرلمان.                                     - اتحاد المعلمين.
-        مجلس الوزراء.                            - أولياء أمور الطلبة.
-        وزارة التربية.                              -  مراكز الأبحاث.
-        المجلس المركزي للتعليم.
التجربة اليابانية في مجال التعليم تجربة رائدة وناجحة، ويمكن الاستفادة منها سواء في الجانب النظري أو العملي عن طريق الآتي:
1)   الاهتمام بالعنصر البشري.
2)   عد التعليم مسألة قومية.
3)   المشاركة في صنع السياسة التعليمية.
4)   الدمج بين المركزية واللامركزية.
5)   تفعيل مجالس التعليم.
6)   دور مراكز الأبحاث.
7)   مشاركة جمعيات النفع العام(جمعية الاقتصاد والصناعة).
8)   التأني في صنع السياسة التعليمية.

تجربة إنجلترا في صنع السياسة التعليمية.
-        نشأ التعليم في إنجلترا في بداياته في أروقة الكنائس(كان لرجال الدين دور في التعليم).
-        غاب دور الدولة الرقابي والتوجيهي للتعليم(اقتصر دورها على تقديم المساعدات والدعم المالي).
-        سار التعليم بعيداً عن سلطة الدولة إلى أن دعت الحاجة والتطور الصناعي الذي ساد العالم بتدخلها عندما أدركت أن الهيئات الخيرية والدينية ليس بمقدورها النهوض بتعليم أبناء الشعب.
-        في عام 1833م أقر البرلمان الإنجليزي إعانة مالية للتعليم.
-        في بداية القرن العشرين بات من الضروري الاهتمام بالتعليم وشهدت بداية القرن حركة تعليمية كبيرة.
-        كان قانون بلفور 1902م أول قانون في القرن العشرين, حيث جعل مسئولية التعليم تعود لسلطات تعليمية محلية بدلاً من مجالس المدارس.
-        قانون بتلر عام 1944م, ويعد هذا القانون أهم الخطوات الإصلاحية للتعليم في إنجلترا.
-        كان الوزير يقف على رأس صانعي السياسة التعليمية في إنجلترا وأعطي صلاحيات كبيرة من حيث الإشراف والمتابعة.
-        رفع سن الإلزام في التعليم يقضي على الثنائية في التعليم القائم على تعليم أولي لعامة الشعب وآخر للأقلية.
-        كان من ضمن السياسات التعليمية لاحقاً وضع مناهج موحدة بين إنجلترا وويلز.
صنع السياسة التعليمية في إنجلترا
1)   مجلس الوزراء.
-        (1979م-1988م) فترة رئاسة مارجريت تاتشر(إصلاحات تربوية عديدة من أهمها الابتعاد عن التلقين السياسي في التعليم وإلغاء العقوبات الجسدية ديمقراطية التعليم  الاهتمام بالمهن).
-        (1990م) جون ميجور طرح مجموعة من الإصلاحات التربوية تعبر عن سياسة تعليمية واضحة سن تشريعات أهمها (تمويل التعليم والمناهج).
-        توني بلير رئيساً للوزراء إصلاحات تربوية منها السماح للمدارس الناجحة في اختيار المنهج الوطني وتدخل القطاع الخاص في التعليم.
(التقرير الأبيض أي التقرير الحكومي الرسمي من أهم التقارير التي توضح السياسات التعليمية في إنجلترا).

2)   وزارة التربية والتعليم(الجهة المشرفة والمركزية على التعليم في إنجلترا).
-        صياغة السياسة التعليمية وتنفيذها.
-        الإشراف على العملية التربوية والتعليمية والمباني والتجهيزات ومتابعة وتقويم السياسة التعليمية.
-        تعتمد الوزارة على الوثائق الرسمية وغير الرسمية في صنع السياسة التعليمية مثل التقرير الحكومي السنوي(التقرير الأبيض).
3)   المجالس الاستشارية العليا.
-        دائمة التواصل مع وزير التربية-كمجلس التعليم المركزي لإنجلترا وويلز أو المجالس التي تختص بالامتحانات ونظم التقويم وإعداد المعلمين.
4)   مفتشو صاحبة الجلالة(قوته أنه شكل وفق مرسوم ملكي).
-        من خلال التقرير الذي يعد سنوياً ويقدم إلى البرلمان ومجلس الوزراء.
5)   السلطات التعليمية المحلية.
-        تشرف على التعليم في كل مقاطعة, ومن أهم أعمالها تنفيذ السياسة التعليمية القومية.
-        وضع قوانين وتشريعات خاصة بها وفق صلاحياتها القانونية.
-        ميزت بين المدارس الناجحة وغير الناجحة في صنع السياسة التعليمية.
6)   البرلمان, وله دور فاعل من خلال:
-        سن التشريعات والقوانين الخاصة بالتعليم, والتي بدأت عام 1833م عند أمر بتقديم الدعم المالي للتعليم.
مراحل صنع السياسة التعليمية
1)   مرحلة الاستفتاء.
2)   المدخلات.
3)   عمليات التحويل والمخرجات.
4)   التغذية الراجعة.

مدى الاستفادة من تجربة إنجلترا التعليمية:
1)   لايتم تنفيذ السياسة التعليمية أو سن القوانين أو التشريعات إلا بموافقة البرلمان.
2)   للسلطات التعليمية المحلية دور في سن القوانين أو طرح تشريعات من حيث التقويم واستقراء الواقع واستشراف المستقبل.
3)   تدخل أطراف عديدة(مجلس الوزراء- وزارة التربية- البرلمان- 000) المشاركة الشعبية عريضة.
4)   يتم صنع السياسة التعليمية بشكل جيد وبخطوات منطقية.

تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في صنع السياسة التعليمية
التعليم في الولايات المتحدة.
-        بداية أهلية خاصة عام 1647م عندما أصدرت مستعمرة ماساتشوستس قوانين تطالب بإنشاء مدارس التعليم الأطفال القراءة والكتابة على أن يتم التمويل من الأموال العامة, ثم أخذت المستعمرات الأخرى تحذو حذوها, حيث فرضت جميع المدن ضرائب محلية لتمويل المدارس المحلية, وقد سار على النمط الإنجليزي الذي كان ممثلاً بمدارس الأحد.
-        أهم الإنجازات للاهتمام بالتعليم في الفترة 1834م (مجانية التعليم), حيث أقرت ولاية بنسلفانيا مجانية التعليم مع النظر للأطفال دون تمييز طائفي أو عرقي أو طبقي.
-        بدأت ولاية ماساتشوستس عام 1852م في سن قوانين خاصة بالتعليم.
-        بداية القرن العشرين بدأت كقوة عسكرية وسياسية بالإضافة إلى زيادة عدد سكانها بفعل الهجرات.
-        وبسبب زيادة السكان أصبحت السياسة التعليمية تواجه تحديات عديدة منها:تكافؤ الفرص- ديمقراطية التعليم-علمانية التعليم.
-        اهتمت بالاتجاه العلمي في التربية(الاهتمام باختبارات الذكاء والتحصيل).

إدارة التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية
1)   الحكومة الفيدرالية (بدأ التعليم العام 1818م) عندما قدمت المساعدات وشجعت البحث العلمي وتقديم الأراضي, بالرغم من أن الدستور الأمريكي لايتضمن أي تكليف للحكومة للإشراف والرقابة على التعليم العام.
وفي عام 1867م قرر الكونجرس تشكيل هيئة فيدرالية(مكتب الولايات المتحدة للتربية) استقل هذا المكتب في عام 1980م.
2)   حكومات الولايات:
-        دائرة التربية في الولاية                       -  مجلس التربية في الولاية.
3)   السلطات التربوية المحلية: تقوم بإدارة التعليم في كل قرية أو مدينة ولهم سلطات واسعة( تعيين المدير العام المحلي وتحديد مدة خدمته- تعيين المساعد - تعيين المدرسيين - تقرير المناهج - الإشراف العام على الإنفاق).
4)   الهيئات غير الرسمية: مثل مجلس امتحانات الدخول للجامعة- خدمة الاختبارات التربوية).

صنع السياسة التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية
جهات عدة تشارك في صنع السياسة التعليمية
أولاً: الجهات الرسمية:
1)   البيت الأبيض: مرتبط بالحياة الأمريكية- مقر رئيس الولايات المتحدة –نجد أن الإصلاح ارتبط كثيراً بأسماء ورؤساء.
-        دور كيندي جونسون في قانون التعليم الابتدائي والثانوي 1965م.
-        (1981م-1984م) كانت تلك السنوات الأولى من حكم رونالد ريجان مليئة بالإصلاحات التربوية(تقرير أمة في خطر عام 1983م)بداية الخطوات الإصلاحية.
-        تقرير جورج بورش في تقرير أمريكا عام 2000م.
-        تفرد كذلك في عهد كلينتون في بداية رئاسته موضوع تدريس العلوم والرياضيات في الولايات المتحدة الأمريكية.
-        1990م في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش, برنامج رعاية الخدمة المجتمع الوطني.
2)   الكونجرس: يجمع الكونجرس بين مجلس الشيوخ( 100 عضو ومجلس النواب 435 عضواً).
-        جميع السلطات التشريعية في الحكومة الفيدرالية ترجع للكونجرس لذلك هو المسؤول الأول عن القوانين الخاصة بالتعليم.
3)   الحكومة الفيدرالية:
-        من خلال الأبعاد القومية للتعليم.
-        من خلال الدعم المالي والميزانيات الخاصة بالتعليم.
4)   وزارة التربية:
-        لها دور واضح في صنع السياسة التعليمية وقد زاد من سلطتها حركة الإصلاح التي بدأت منذ ثمانينات القرن العشرين.
5)   مجلس التعليم الولاية.
6)   مجلس التعليم المحلي.
ثانياً: المؤسسات غير الرسمية.
1)   نقابة المعلمين.
2)   إتحاد الطلبة.
3)   جمعيات رجال الأعمال والغرف التجارية.
4)   هيئات فنية متخصصة.

يمكن تحديد أهم النقاط التي يمكن الاستفادة منها من تلك التجربة من خلال الآتي:
1)   رغم أن الدستور الأمريكي لم يشر صراحة لاهتمام الدولة بالتعليم، إلا أن ذلك لم تمنع السلطات الحاكمة من دعم التعليم.
2)   سعت الولايات المتحدة لتحقيق التميز والتفوق في التعليم بعد أن تجاوزت مسألة التوسع في التعليم.
3)   تشكلت السياسة التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية بمراحل متتالية، تبدأ من القاعدة العريضة للمجتمع.

4)   لنقابة المعلمين في الولايات المتحدة الأمريكية دور مهم في رسم السياسة التعليمية.