الجمعة، 20 سبتمبر 2013

دور المؤسسات التربوية والتعليمية في تحقيق المواطنة الحقة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات ومن نعمه التي ينبغي على كل مواطن في هذا البلد الكريم أن يشكره عليه نعمة الحرمين الشريفين الذين يقصدهما كل مسلم في كل وقت وحين, ونعمة الأمن التي بفضل الله ملأت أرجاء الوطن, ونعمة الخير والرخاء والعطاء التي أصبغها الله علينا وعلى عباده, ونعمة الألفة والمحبة والتعاون بين القيادة والشعب.

والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الذي أرسى دعائم الدولة الإسلامية ونشر الدين والعقيدة وبلغ الرسالة وأدى الأمانة وحث على التماسك والتعاون والتلاحم والحفاظ على الدين والوطن وبقية الضرورات, وهو الذي صح عنه عليه السلام أنه وقف مخطاباً مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه:
"ما أطيبك من بلد, وأحبك إلي, ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك".
(فالوطن لا تعدله أي قيمة)

اسمح لي أستاذ....(يحي)..... قبل الحديث عن دور المؤسسات التربوية والتعليمية في تحقيق المواطنة...  أن أشير إلى قضية مهمة وخطيرة جداً وهي أن هذه الأمة وهذا الوطن مستهدف من الأعداء والكايدين به والحاقدين عليه والحاسدين له ولأبنائه, والذين يريدون تفكيك وحدته وتشتيت شعبه وكسر شوكته, فنقول لهم هيهات هيهات-فبحول الله وقوته ثم بتمسك هذا البلد بشريعته حكومةً وشعباً, وبالتلاحم بين القيادة والمواطن فلن يستطيعوا أن يحركوا ساكناً.

ومن هنا تبرز أهمية المؤسسات التربوية والتعليمية في الحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه والثبات على الدين والقيم والمفاهيم التي ستصد كل المحاولات البائسة التي تريد بنا تفككاً.

وكما نعلم أن مجتمعنا يتكون من مؤسسات تربوية وتعليمية منها مؤسسات التعليم العام والعالي والفني والصحي والعسكري و....
وتلك المؤسسات تقوم بأدوار ووظائف مختلفة ولكنها تشترك في أهداف كثيرة ومن تلك الأهداف المشتركة هدف تحقيق المواطنة والانتماء للوطن, والمحافظة على تماسكه ووحدته.
وتأتي أهمية وأهداف المؤسسات التعليمية في تحقيق المواطنة في التالي:
-       تدعم وجود الشعور بالوطنية.
-       تسهم في استقرار المجتمع.
-       تنمية المهارات المرتبطة بالمواطنة والوحدة والحفاظ على ممتلكات الوطن.
-       تعزيز نموهم الوجداني والأخلاقي والثقافي.
-       تنمية معارف المتعلمين حول نظام الحكم ومسؤولياته, والعمليات السياسية, وأهم المؤسسات في المجتمع.
-       تشجيع المتعلمين على التمسك بالقيم الأساسية.
-       توعية المتعلمين بمعنى المواطنة ومهامها, وحقوق وواجبات المواطن في المجتمع.
-       توعية المتعلمين بأهم قضايا المجتمع ومشكلاته, وتشجيعهم على المشاركة في إيجاد حلول لها.
-       تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الأبناء نحو المجتمع ومؤسساته.
-       تشجيع المتعلمين على ممارسة أدوار اجتماعية معينة في المؤسسة التعليمة, وفي المجتمع بعد ذلك.
-       تنمية وعي المتعلمين بالأدوار المستقبلية لمسؤوليات العمل, هو تضمين لمفاهيم الجودة والتقدم الحضاري, وفي الربط بين مفاهيم المواطنة والجودة, وتنمية إرادة وقيم العمل, والشعور الوطني, بما يعني معايشة الفرد وتفاعله مع المجتمع في حاضره ومستقبله.
-       إكساب الأبناء قيم المواطنة يعد الركيزة الأساسية للمشاركة الإيجابية والفعالة في التنمية الاجتماعية, والاقتصادية, والسياسية.
ويمكن أن نخلص من ذلك كله أن تقوم المؤسسات التعليمية بزيادة الوعي والإدراك لدى الطلاب في شتى المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية...

ويمكن أن تحقق المؤسسات تلك الأهداف من خلال الأبعاد التالية:
¿البعد الديني/ القيمي.(العبادات-المعاملات-المسؤولية التسامح-التضمن-الإنتاجية-حب العمل.............
¿    البعد المعرفي/الثقافي.(تاريخ الوطن-جغرافية الوطن-الأماكن التاريخية-تحديات المجتمع...)
¿    البعد المهاراتي.(مهارات الاتصال والحوار-حل المشكلات-النجاح في الحياة....
¿    البعد الاجتماعي.(العمل الجماعي-التماسك الاجتماعي-التوعية لاجتماعية-حل المشكلات....
¿    البعد الإنتمائي.(حب الوطن-الحفاظ على ممتلكاته ووحدته.....
¿    البعد المكاني.(أهمية الوطن والإنتماء إليه والدفاع عنه وأنه جزء منا....


ويتحقق ذلك بعدد من الوسائل والعمليات والنشطة والبرامج والتكامل بينها وهي:
-       الإدارة التعليمية.
-       الأنشطة.
-       العمليات التدريسية.
-       البرامج.
-       المعلم والأستاذ.
-       المنهج بمفهومه الشامل.
-       المقررات الدراسية.
-       المشاركة المجتمعية.
-       المسؤولية الاجتماعية وإشراك الطلبة بها.

ولا يمكن اختزال تحقيق المواطنة في مقرر واحد أو نشاط واحد أو برنامج واحد أو معلم واحد أو إدارة واحدة....
                      بل يجب أن يكون هناك شمول تكامل وتوازن وتعاون بينها جميعاً.
وهذا لن يتأتى إلا من خلال استراتيجية مشتركة بين المؤسسات التعليمية لتحقيق المواطنة والانتماء الوطني بحيث تتسم بالشمول والتكامل والتوازن والتعاون.
ومن تلك الأدوار ما قامت به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال اليومين الماضيين من إقامة مؤتمر"الوحدة الوطنية...قيم وثوابت" برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين وبمتابعة وإشراف شخصي من قبل معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل ومتابعة وتنفيذ من خلال فرق عمل, وقد تكون من خمسة محاور:
المحور الأول: حقيقة الوحدة الوطنية.
المحور الثاني: الوحدة الوطنية من منظور شرعي.
المحور الثالث: الوحدة الوطنية في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والرياضية.
المحور الرابع: الوحدة الوطنية في المجال الإعلامي والاتصالي.
وهذه إحدى الأدوار التي تقوم بها الجامعات ممثلاً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

في الختام أتقدم بالشكر الجزيل لك أخي الأستاذ وإلى الإذاعة والقائمين عليها لتفاعلها الدائم والمتواصل مع الأحداث والمناسبات الوطنية المتكررة.

أطفالنا والتقنية بين المراقبة والتوعية

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.                                     وبعد,,,
كما نعلم أن العصور والأزمنة تتغير وتتطور بتغير وتطور المعطيات في كل زمان ومكان, وما يشهده العصر الحالي من تطورات مختلفة شملت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية وغيرها من المجالات ليدل على تميز هذا العصر عن غيره من العصور بإيجابياته وسلبياته.
ومن التطورات ما نراه في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات حتى أصبح الكون ليس غرفة واحدة بل نافذة صغيرة يُطل بها الصغير والكبير من مكانه على العالم كله.
والتطور في الاتصالات وتقنية المعلومات أفرز لنا جيلاً يعشق التقنية ويقتنيها الصغير قبل الكبير لحاجة أو لغير حاجة, وما يُهمنا في هذا الجانب هو "أطفالنا والتقنية بين المراقبة والتوجيه".
للأسف وأقولها بحسرة وألم ما نراه من استخدام سيء للتقنية والأجهزة الذكية من قبل أطفالنا يتطلب من المجتمع والأسرة الوقوف بحزم وجد حول ذلك الموضوع.
كما نعلم أن التقنية والأجهزة الذكية تعتبر أدوات ذا حدين إن أجاد وأفاد الطفل في استخدامها فقد حقق الهدف منها وأسهمت في تعليمه وتطوره وزيادة قدراته, وإن أساء استخدامها كانت عبئاً ووبالاً وتهلكة لللطفل وصحته وقدرته العقلية, وهنا يتجلى دور الأسرة في التوجيه والمتابعة وتوضيح كيفية وآلية استخدام تلك الأجهزة للطفل, فالطفل في مرحلة التعليم والتعلم واكتساب المعارف والمهارات وعندما تقتني الأسر تلك الأجهزة لأطفالها فلا ضير في ذلك لكن لا تترك الحبل على الغارم لهم, وإلا سيجنون ويلات ذلك من خلال سلوك أطفالهم والذي سيتأثر سلباً وبشكل كبير نتيجة استخدام تلك التقنية.
ويكون ذلك بتخصيص أوقات محددة يستخدم فيها الأطفال تلك الأجهزة وأيضاً يتم تفعيل التطبيقات التي تفيد الطفل وتعلمه وتكسبه المعارف وهي كثيرة جداً فهناك برامج القران الكريم وحفظه والقراءة والكتابة والرياضيات والتعليم بالترفيه....وغيرها من البرامج.
ختاماً أقول للأسرة وأخص الأب والأم من حقكم أن تفرحوا وتسعدوا بأبنائكم وأطفالكم, وإن سعادتكم بسعادتهم وعندما تشتروا لهم الأجهزة الذكية فإنكم ترون السعادة على محياهم, ولكن حذار حذار أن تتركوها في أيديهم دون توجيه ومتابعة وضبط وتحكم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


الأربعاء، 15 مايو 2013

ماذا تريد المدرسة من الطالب؟ ماذا يريد الطالب من المدرسة؟


بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا تريد المدرسة من الطالب؟ وماذا يريد الطالب من المدرسة؟

منذ أن سطع نور الإسلام وأضاء للبشرية الظلماء طريقها, ومنذ أن نزل الوحي من السماء عل سيد الأنام نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فهو يأمرنا بالقراءة والتعلم والعلم والبحث عنه قال تعالى:(( أقرا باسم ربك الذي خلق, خلق الإنسان من علق, أقرأ وربك الأكرم, الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم))العلق

وحث المصطفى صلى الله عليه وسلم على طلب العلم, كيف لا وهو معلم البشرية الأول فقد ظل طوال حياته يعلم أصحابه ويبين لهم ما يتعلق بأمورهم الدينية والدنيوية وقد اتخذ من المسجد مقراً لنشر الدعوة وطلب العلم.

وهكذا بدأ ينتشر الإسلام في كل مكان وعبر القرون الماضية كثر المسلمين وازدادا حرصهم على طلب وتلقي العلم في كل بقاع الأرض فبرزو في مجالات عدة ومختلفة كالطب والفلك والرياظيات والكيمياء والهندسة وغيرها من العلوم والمعارف بالإضافة إلى تمسكهم بالكتاب والسنة فأصبحوا دعاة علم وفضيلة ووصلت علومهم إلى كل مكان وأنارت العقول, فوصلت إلى أوروبا وأصبح الغرب ينهل منها وتدريجياً تطور العلم حتى وصل إلى ما وصل إليه في القرن الحالي الذي يمتاز بالسرعة والاتصالات وتطور المواصلات وتقنية المعلومات ويعتبر هذا العصر عصر الانفتاح والعولمة والانترنت وغيرها من التطورات حتى أصبح العالم بأكمله قرية كونية صغيرة يعلم ما يحدث بها.

وهذا التطور والتقدم يطلب منا أن نتعايش معه وأن نواكبه ونواكب التغير الذي يحدث به وإلا أصبحنا لا نقوى على المنافسة ولا على الاستمرار.

ومنذ تطور العلم وتطور وسائله وطرقه ومناهجه وكل ما يتعلق به, أصبح لزاماً أن نطور المدرسة ونغير من ذاتها لتواكب هذا العصر وما يحمله من علوم وتكنولوجيا ومن أجل أن تنافس مثيلاتها من المدارس المتقدمة, ومن أجل تحقيق أهداف الفرد والمجتمع والوطن, فالتغيير مطلوب وكذلك الاستفادة من تقنيات العصر وتطوراته.

ويجب أن يلازم التغير في المدرسة تغير في الطالب الذي هو محور العملية التعليمية والذي من أجله أنشئت المدارس والمعاهد والكليات والجامعات, لذا يجب أن نغير من فكره التقليدي إلى فكر متفتح متفهم مبدع وأيضاً نغير من أسلوبه وطريقته النمطية إلى أساليب حديثة متطورة من أجل تحقيق أهدافه وأهداف مجتمعه ووطنه, وهذا بدوره يقودنا إلى تساؤلين مهمين:

 

الأول: ماذا تريد المدرسة من الطالب؟

وللإجابة على هذا التساؤل قد نحتاج إلى أبحاث ودراسات وكتب ولكنني ومن خلال إطلاعي ودراستي وخبرتي سوف اختصر ذلك في النقاط التالية:

* المدرسة تريد طالباً يحترمها ويقدر ما فيها من أساتذة ومناهج وممتلكات وتقنيات لكي تبادله الاحترام والتقدير.

*   تريد طالباً مستقيماً في خلقه قدوه في صفاته مثالاً في طريقته وأسلوبه.

*   تريد طالباً حريصاً على طلب العلم وتلقيه.

* تريد طالباً يحترم الوقت ويقدره وهو أنفس ما يملكه الإنسان وذلك بالتزامه بالمواعيد المحددة للدراسة وكذلك الانضباط في الحضور مبكراً إليها والدخول إلى فصولها للنهل من علومها.

*   تريد طالباً يقدر معلمه ويحبه ويساعده في تلقي العلم, طالباً يحترم معلمه في كل زمان ومكان.

* تريد طالباً يحافظ عليها وعلى مرافقها ومبانيها وجدرانها وفصولها ومعاملها ومختبراتها وطاولاتها وعلى البيئة المدرسية بأكملها.

*   تريد طالباً يستفيد من مرافقها من المكتبة والمعامل والمختبرات ومصادر التعلم والملاعب و.......الخ.

*   تريد وتريد تريد طالباً مثالياً خلوقاً واعياً مهذباً مدركاً لرسالة مدرسته وتريد و تريد .................الخ.

 

والسؤال الثاني: ماذا يريد الطالب من المدرسة؟

وسوف اختصر الإجابة في النقاط التالية:

* يريد الطالب مدرسة عصرية كونية إلكترونية متطورة متقدمة توظف ما توصل إليه العلم من تقنيات وتكنولوجيا من أجل الطالب.

* يريد الطالب من المدرسة أن تهيأ له سبل تلقي العلم من أجهزة ومعامل ومختبرات وورش وملاعب و.......الخ.

*   يريد مدرسة تهتم به وبميوله وأنشطته ورغباته وفق أهداف واحتياجات المجتمع.

*   يريد مدرسة متكاملة في مبانيها وفصولها وأدواتها ووسائلها ومرافقها ...........الخ.

*   يريد مدرسة نموذجية في تصميمها في تعليمها في أنشطتها في تعاملها في تقديرها للذات.

*   يريد مدرسة تضم المعلم القدير الجدير المربي الفاضل القدوة المتمكن من مادته.

*   يريد مدرسة يديرها رجال أكفاء على قدر من العلم والمسئولية والاحترام والفهم والبذل والعطاء.

* يريد مدرسة تستقبله في كل وقت وفي أي وقت من أجل تحقيق رغباته وتطلعاته ومن أجل ممارسة هواياته وأنشطته وقضاء أجمل الأوقات فيها.

*   يريد مدرسة تحوي منهجاً يعده لسوق العمل ويعده للتكيف مع الحياة.

*   يريد ويريد ويريد...مدرسة يستمتع بوجوده به.

 

قد يتسأل أحدكم وهل يمكن أن تتحقق تلك الرغبات وتلك التطلعات بين الطالب والمدرسة وبين المدرسة والطالب فنقول ما لم يدرك كله لا يترك جله, فلو عملت المدرسة والطالب على تحقيق ذلك لا أمكن أن نصل إلى ما نريد من إعداد وتعليم وتربية لجيل واعد يحمل بين يديه آمال ومستقبل أمته ومجتمعه.

وأخيراً أدعو الله العلي القدير أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

الدكتور خالد بن عواض الثبيتي

أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي المساعد