الأحد، 30 أكتوبر 2022

عبقرية التنظيم

 

عبقرية التنظيم

في أحد البرامج التدريبية التي أقدمها للموظفين في المراتب العليا حول المهارات الإدارية في بيئة العمل، أتتني أسئلة كثيرة جلها كانت حول لماذا يخفق الإداريين في عملهم الإداري، وتصبح بيئة العمل بيئة غير صحية تنظيمياً، وتكثر المشكلات والمعوقات، وكذلك الشكاوى من تأخر وتعطل الأعمال والمعاملات الإدارية؟

فالاستراتيجيات والأهداف والخطط واللوائح والأنظمة والسياسات تمثل العمود الفقري للمؤسسة وتحدد مسارها الحالي والمستقبلي، ووجودها لا يلزم بالضرورة نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فالإدارة وظائف ومهام متكاملة ومتناسقة، فالتخطيط والتنظيم والتنسيق والإشراف والمتابعة عمليات ضرورية ومهمة لتحقيق فعالية العمليات وكفاءة الإنتاج وتحقيق الأهداف.

فبالتنظيم يتم إعادة ترتيب وتنظيم الخطط لغرض تفعيل النظام الإداري وزيادة قدرته في إنجاز الأعمال وتحقيق الأهداف، فالوحدات الإدارية والأقسام بالمنظمة متباينة في أدوراها ووظائفها ومهامها، فبالتالي تكمن المرونة في قدرة المسؤول الإداري في تصميم التنظيم الإداري الذي يتوافق مع الأقسام والوحدات الإدارية، ويعمل على حوكمة الإجراءات وتبسيطها وإنجازها، وهذا يتطلب من الإداري القدرة والتمكن في تصميم وتطبيق التنظيم الإداري المناسب.

التنظيم (Organizing) هو مجمل الأنشطة المتعلقة بترتيب استخدام مختلق موارد المنظمة بغرض تحقيق أهدافها عن طريق تجميع الأفراد والأنشطة في وحدات عمل محددة.

يُلاحظ أن الجوانب التنظيمية تتأثر بالتغيرات والتطورات الحاصلة في المنظمة، مما يتطلب قدرة وكفاءة لدى الإداري لمواكبة التغيرات والتطورات، وتغيير وتصميم التنظيم الإداري الذي يتلاءم مع واقع البيئة التنظيمية.

وتتجلى أهمية التنظيم في كونه الخطوة الأولى التي يعتمدها المديرين في تفعيل الخطط وتنفيذها، فإذا لم يكن لدى المدير المعرفة والقدرة في بناء وتصميم التنظيم الذي يناسب مع البيئة التنظيمية والإدارية والبشرية، فإن المؤسسة أو الإدارة ستواجه صعوبات وتحديات في تحقيق أهدافها وقد تفشل، فبدون التنظيم لا يمكن إنجاز الأهداف الواردة في الخطط.

فالتنظيم الفعال يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الخطط والأهداف، كذلك يُحدد المهام الرئيسية الأساسية المطلوبة والضرورية للعمل والمنظمة، وتقسيم المهام الرئيسية إلى مهام فرعية.

فالتنظيم يتعلق بإيجاد الهياكل وصيغ العمل وتقسميه وتوزيع الصلاحيات وتنظيم الموارد، ومن ثم التنسيق بين هذه الأنشطة لغرض أن تكون المنظمة فاعلة في تحقيق أهدافها.

والعملية التنظيمية مهمة للمنظمات باعتبارها أنظمة اجتماعية تتفاعل وتنسق في إطارها الموارد المختلف لتحقيق نتائج مرغوبة من أهمها:

-         تحقيق الانسجام داخل المنظمة بطريقة تسير فيها العلاقات الوظيفية والإنسانية بأقل قدر من سوء الفهم.

-         سهولة وانسيابية العمل جراء توضيح التنظيم للإجراءات الواجب اتباعها.

-         يُهيئ التنظيم الكيفية التي يُرسل بها مستقبل القرارات الصادرة من مراكز السلطة المختلفة يُديم العلاقة بين مختلف موارد المنظمة.

-         يساعد التنظيم الجيد على تحديد العلاقات بين العاملين في المنظمة.

-         توحيد جهود العاملين وتوجهها نحو أهداف وغايات مشتركة.

-         تهيئة سبل الاتصالات الرسمية وغير الرسمية بين مختلف أجزاء الوحدة الإدارية.

-         يخلق مناخ مناسب لعمل النظام الإداري.

-         الاهتمام بتقييم العمل والمهام بين الأفراد مما يؤدي إلى حصر التركيز والاهتمام بمهمة موضوع واحد لا أكثر.

-         معرفة العاملين بالأنشطة التي يقومون بأدائها بشكل محدد.

-         البعد عن الازدواجية في العمل أثناء القيام بالأنشطة اللازمة لتحقيق الأهداف.

إن الثقافة التنظيمية الفعالة والقوية للمنظمة يصنعها تنظيم عبقري لمسؤول إداري متمكن من الإدارة ووظائفها وقادر على ترجمة الخطط والبرامج إلى تنظيم يحقق أهداف المنظمة بكل يسر وسهولة.

والسؤال لماذا لا يكون هناك تنظيم موحد للمؤسسة على غرار الاستراتيجيات والخطط والبرامج؟

 

 

أ.د. خالد بن عواض بن عبدالله الثبيتي

أستاذ الإدارة والتخطيط الاستراتيجي