الأربعاء، 18 يناير 2017

الجامعة الشاملة

جنوب أفريقيا: الجامعة الشاملة

بقلم: ليندا نوردلينج

خلال معظم حقبة الفصل العنصري الصارم بجنوب أفريقيا، عكفت الجامعات الرائدة في البلاد بمعظمها على تلبية احتياجات النخبة البيضاء. قبل تفكيك نظام الفصل العنصري بفترة وجيزة بأوائل التسعينات، على أي حال، انضمت جامعة كيب تاون (UCT) لعدد من جامعات جنوب أفريقيا الأخرى في الوصول إلى الطلبة الفقراء – الذي كانت غالبيتهم العظمى من السود.
كان المفهوم العام وراء برنامج جامعة كيب تاون هو مساعدة الطلاب من الخلفيات المحرومة في اكتساب مهارات، يعتبرها معاصروهم الأكثر ثراء أمرًا مفروغًا منه. يوفر البرنامج الدعم بما في ذلك حلقات تنمية اللغة لأولئك الذين ليست الإنجليزية لغتهم الأولى، وتعليم العادات الدراسية الجيدة، بل وحتى تقديم المشورة النفسية. كما يتضمن جلسات جماعية تتيح للطلاب مناقشة التحديات التي تتراوح بين كيفية إدارة الشؤون المالية الشخصية، وسبل التكيف مع الإجهاد.
بالنسبة إلى طلاب العلوم، تقدم جامعة كيب تاون حلقات دراسية تأسيسية في علم الأحياء والفيزياء والكيمياء والرياضيات لسد أي ثُغرات معرفية. هناك برنامج علوم شتوي ينظم رحلات إلى حوض الأحياء المائية والحدائق الأحفورية المجاورة بكيب تاون، ويوفر خبرات أخرى متصلة بالعلوم ربما فاتت الطلاب خلال نشأتهم. لتوفير الوقت لهذه الأنشطة الإضافية، يعطي برنامج بكالوريوس العلوم بجامعة كيب تاون الطلاب خيار مد فترة المناهج الجامعية العادية ذات الثلاث سنوات إلى أربع سنوات.
منذ إدخالها في 1986، خرّجت برامج جامعة كيب تاون ذات السنوات الأربع أكثر من 2000 طالب. كان موكيتي كواجو أحدهم، فقد التحق بما كان يُسمى آنذاك مدخلًا عامًّا إلى برامج العلوم (GEPS) عندما جاء إلى جامعة كيب تاون في 2008. وكطالب ألمعيّ من بلدة فقيرة بمقاطعة «فري ستيت» بريف جنوب أفريقيا، وجد كواجو الوقت الإضافي ودروس التقوية والتوجيه الضروري. يقول: «لا أعتقد أنني كنت سأنجح في الحصول على درجتي العلمية بدون المدخل العام إلى برامج العلوم».
البرنامج لا يزال يتطور. وحتى العام الماضي، مثلا، تم توجيه طلاب حلقات العلوم في الجامعة بمجرد التحاقهم إلى أحد مسارين: مسار الثلاث سنوات، أو مسار الأربع سنوات. الآن، يبدأ جميع الطلاب في المسار نفسه. وبعد ستة أسابيع فقط، يختارون إما البقاء بمسار الثلاث سنوات، أو مسار الأريع سنوات.. أي برنامج البكالوريوس الممتد. 
«أريد أن أسدّ الفجوة بين سكان البلدات الفقيرة والعلوم».
يقول ديفيد جامون ـ كيميائي بجامعة كيب تاون، يعمل كبير مستشارين لبرامج العلوم الممتدة ـ إن الفكرة هي السماح بتحديد مسارات الطلاب في الجامعة من خلال أدائهم، وليس من خلال المدرسة التي يريدون الالتحاق بها، أو لون بشرتهم. يعني هذا النهج أيضًا أن الطلاب يشاركون فعلًا في اختيار مساراتهم الخاصة، وهو اعتبار مهم، نظرًا إلى احتمال أن تكون هناك وصمة ترافِق الانضمام إلى مسار أطول.
لقد ثبَت أن التحول بطيء. فقد وجد تقريرٌ حول إصلاح المناهج الجامعية، نشره مجلس جنوب أفريقيا للتعليم العالي في عام 2013، أنه رغم أن نسبة الشباب السود البالغين 20-24 عامًا وملتحقين بالجامعة ارتفعت بشكل طفيف من %10 في 2005 إلى %14 في 2011، يظل ضئيلًا، مقارنةً بنسبة نظرائهم البيض البالغة %57. بين هؤلاء الطلاب السود الذين نجحوا في الوصول إلى الجامعة، هناك واحد فقط من كل خمسة (%20) يُتِم شهادته الجامعية خلال أربع سنوات، مقارنة بنسبة %44 من الطلاب البيض.
ومع ذلك.. كانت هناك أمثلة نجاح فردية عديدة. فخلال الأربع سنوات التي قضاها كواجو بجامعة كيب تاون، اكتشف لديه شغفًا بالأرصاد الجوية والمناخ وعلوم المحيطات. إنه حب غير متوقع من صبي نشأ بمناطق جنوب أفريقيا الداخلية المتربة. يقول: «عندما جاء والداي لحضور تخرُّجي، كانت المرة الأولى في حياتهما التي رأيَا فيها البحر». وهو الآن باحث مساعد في مجموعة تحليل نظم المناخ بجامعة كيب تاون، ويأمل في الشروع في دراسة درجة الماجستير في علوم المحيطات في العام المقبل.
في نهاية المطاف، يأمل كواجو في نقل شغفه بالعلم إلى بلده، ربما لإلهام الشباب اقتفاء خطاه، حيث يقول: «أريد أن أسد الفجوة بين سكان البلدات الفقيرة والعلوم. إنّ أكبر مشكلة هناك هي افتقاد الناس للمعلومات».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكراً للمشاركة والاطلاع على المدونة