الأربعاء، 18 يناير 2017

الجامعة الاجتماعية

المملكة المتحدة: الجامعة الاجتماعية

بقلم: إليزابيث جيبني
في عام 2011، أصدرت بضع جامعات أمريكية مرموقة الموجة الأولى من «حلقات الإنترنت الدراسية المفتوحة المكثفة» MOOC: هذه الحلقات الدراسية هي محاضرات مسجلة، يمكن توصيلها عبر شبكة الإنترنت لعشرات أو مئات الآلاف من الطلاب بكافة أنحاء العالم مجانًا. سارعت مؤسسات التعليم الأخرى لتحذو حذوها، وانشغلت وسائل الإعلام بكيفية أنّ إطلاق حلقات الإنترنت الدراسية هذه يُعتبر تحولًا كليًّا للتعليم العالي.
تلقَّى مايك شاربلز مثل هذا الخطاب بتحفظ، لكنه يعمل في الجامعة المفتوحة في ميلتون كينز البريطانية، التي تقدِّم دورات للطلاب بجميع أنحاء العالم بواسطة البريد والتليفزيون والحاسوب منذ نحو 40 عامًا، والجامعة مصمِّمة على أن لا يتفوق عليها أحد. وبحلول 2012، انضم شاربلز ـ رئيس تقنيات التعليم في الجامعة ـ إلى فريق من مواطنيه الأكاديميين البريطانيين؛ لصياغة الجيل المقبل من «حلقات الإنترنت الدراسية المفتوحة المكثفة»، مستلهمين أعمال الراحل جوردون باسك (عالم نفْس تربوي بريطاني، يرى أن الطلاب يكوِّنون معارفهم عبر التفاعلات المتبادلة). تضع حلقات الإنترنت الدراسية الجديدة المشاركة الاجتماعية في مركز التعلم، وتشجع المحادثات بشدة، كما في ألعاب الإنترنت. يقول شاربلز: «لم يخل الأمر من مقامرة. لاحقًا بدا واضحًا أن الناس يريدون التحدث عن تعلمهم، لكن ذلك لم يكن واضحًا قبل عام».
تم تطوير أول 36 حلقة من حلقات الإنترنت الدراسية الجديدة في العام الماضي بواسطة مختلف المؤسسات الشريكة وأتيحت عبر «فيوتشرلرن» FutureLearn، وهي شركة تابعة، مملوكة بالكامل للجامعة المفتوحة. اتسع فهرس هذه الحلقات الدراسية كثيرًا منذ ذلك الحين، ويتراوح الآن من مقدمة في علوم الطب الشرعي إلى إنجلترا في عهد الملك ريتشارد الثالث. تتيح حلقات الإنترنت الدراسية هذه نقاشات حول كل قطعة من المحتوى، مما يسمح للمستخدمين «بالإعجاب» بتعليقات أو متابعة تلك التعليقات التي نُشرت بواسطة زملاء معينين، كما في أي شبكة اجتماعية قياسية، بل حتى إتاحة تقييم الطلاب لأعمال بعضهم. صُممت برمجيات «فيوتشرلرن» للعمل على الأقراص الرقمية والهواتف النقالة والحواسيب المكتبية أو المحمولة. وغالبًا ما تشمل هذه الكورسات عناصر قصصية قوية – المثال الأبرز على ذلك بالطبع: حلقة علوم الطب الشرعي الدراسية، التي تم تطويرها بواسطة جامعة ستراثكلايد في جلاسجو، المملكة المتحدة، حيث يقود الطلاب عبر موادّه باستخدام «مؤامرة» تفضي إلى مشهد جريمة.
ولَدَى شركة «فيوتشرلِرن» الآن 40 شريكًا، 10 منهم خارج بريطانيا. وتُظهِر البيانات المتاحة عن حلقاتها الدراسية المبكرة أن نحو %22 من الطلاب الذين بدأوا إحدى حلقات «فيوتشرلرن» الدراسية أتموا معظم الخطوات وجميع التقييمات. ينخفض هذا الرقم إلى %12 عندما يشمل العدّ جميع الطلاب الذين يسجلون أسماءهم في الحلقة الدراسية، لكن لم يبدأوا، ويظل ذلك يقارَن إيجابيًّا بحلقات الإنترنت الدراسية الأخرى، التي يقل متوسط نسبة الإنجاز فيها عن %7. و(المقارنات المفصلة صعبة، لأن كل مزوِّد لحلقات الإنترنت الدراسية لديه تعريف مختلف لـ«اكتمال» الحلقة).
يحصل إنتاج «فيوتشرلرن» من حلقات الإنترنت الدراسية أيضًا على تقديرات عالية من الآخرين، مثل سالي مابستون، نائب مستشار (رئيس) جامعة أكسفورد البريطانية لشؤون التعليم. ورغم أن أكسفورد اختارت عدم الانضمام إلى ميدان حلقات الإنترنت الدراسية، ولَدَى مابستون شكوكها حول قدرة مثل هذه الحلقات الدراسية على «إحداث ثورة في التعليم»، لكنها تقول إنها معجبة «ببساطة وجاذبية» نهج «فيوتشرلرن».
في نواح كثيرة، لا تزال «فيوتشرلرن» تقتفي أثر الموجة الأولى من حلقات الإنترنت الأمريكية (انظر: Nature 495, 160–163; 2013). ولَدَى «فيوتشرلرن» أكثر من 500 ألف مستخدم مسجَّل، و130 حلقة دراسية، في حين أن شركة حلقات الإنترنت الرائدة «كورسيرا» Coursera، التي أسسها في إبريل 2012 علماء الحاسوب بجامعة ستانفورد، كاليفورنيا، لديها حوالي 10 ملايين مستخدم مسجَّل، وأكثر من 400 حلقة. وأنانت أجاروال ـ رئيس شركة edX التنفيذي، وهي مزوِّد حلقات إنترنت في كمبريدج، ماساتشوستس ـ لديها حوالي 3 مليون مستخدم، يقول إن نهج «فيوتشرلرن» مبدع، لكن منبره الأساسي أيضًا «يتطور بوتيرة متقدة» باستخدام استجابات الطلاب لتحسين كيفية عمل النقاشات والمجموعات.
يضيف أجاروال: «نحن بحاجة إلى التجريب أكثر كثيرًا مع مئات من الحلقات وملايين المستخدمين، قبل تعميم الأنماط» حول أفضل الأساليب الناجحة بالنسبة للطلاب. وبدوره، يبدو شاربلز توّاقًا للقيام بذلك تحديدًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكراً للمشاركة والاطلاع على المدونة